random
أخبار ساخنة

رحلة القراءة لعام 2019 - عام من الروعة



لا أرى بأن نهاية العام هو موعد جني حصاد ما قد قرأناه خلال أيام السنة، ذلك لأنني أؤمن بأن القراءة عمل مُستمر ليس له بداية ولا نهاية إرادية. القراءة هي أكسجين العقل والقلب، هي أكسير الحياة الدائم الذي نرى به احتمالات أخرى للحياة.


هي وسيلتنا لاكتشاف حقيقة غير مزيفة؛ غير المُخبأة بعناية خلف أوجه الناس التي نقابلها على أرض الواقع أو على أحد حسابات العالم الافتراضي. هي فرصة لتكوين قناعات جديدة كل يوم، أو لتثبيت مرجعيات باتت تتلاشى بتجاهل الناس عنها، أو حتى لنبذ عادات أو موروثات اكتشفنا أنها دمرت فينا أكثر مما بنته خلال حياتنا!







القراءة عملية بناء مستمرة تحرص على زيادة الوعي، وحضور الذهن ونبذ العنصرية ومحاربة التنمّر، والتعاطف مع الآخرين.
  
هي محاولة من أجل أن نكون أكثر إنسانية وسط عالم مادي لم يعد يرى الانسان إلى في إطار منفعته المادية.
   
لكن على الرغم من ذلك أحببت التوقف في محطة نهاية العام، لأنني وددت أن أتأمّل فيما قد مضى، لأنني بشر، والبشر مجبولون على الحنين إلى الماضي، والشجن تجاه ما قد فات. وها أنا أقف في محطة آخر العام أنظر إلى خمسون كتاب قرأتهم. أبحث عنهم في ذاكرتي فأجدهم قد اختلطوا داخلي وتشرّبت أعماقي حروفها!
كانت رحلة متنوعة جدًا بين الشرق والغرب، وبين الماضي والحاضر، وبين العربي والأجنبي. بين العلمي والاقتصادي والخيالي والبوليسي وبالتأكيد والإنساني.
     
في الربع الأول من عام 2019، اندمجت تمامًا في عالم الحشاشين في رواية آلموت، ثم في رُباعية السيرة الذاتية لجنكيز خان في روايات (ذئب السهول – سادة البراري – عظام على الهضاب – إمبراطورية الفضة)
  
أرهقني جو الإثارة الرائع، وآثرت بعدها أن أستريح على ضفاف كتاب "من حديث النفس" لكاتبي المُفضّل الشيخ علي الطنطاوي. وما أن سكنت نفسي حتى بدأت في قراءة كتاب سيرة ذاتية من ترشيحات بيل جيتس وهو كتاب Educated   للكاتبة الأمريكية Tara Westover ( الكتاب تُرجم باسم المُتعلمة).
  
في نيسان الجميل استمتعت بكتاب علمي فكاهي رائع وهو كتاب الأمعاء كنزك في بطنك للكاتبة الطبيبة جوليا أندرز، وهو كتاب أنصح أي انسان لقراءته فورًا.
  
ولأن المرح لا يدوم، فقد وقعت في فخ رواية إنسانية عظيمة ما زالت آثارها باقية على روحي رغم مرور قرابة العام على قراءتها، ألا وهي رواية "مادونا صاحبة المعطف الفرو"
  
وامتدادًا لحالة الحزن، دخلت النفق الأسود مع كتاب صلاة تشيرنوبل، ولم أستطع الخروج من الحالة التي أصابتني بعده إلا على يد مارك مانسون بكتابه "فن اللامبالاة".
    
اطلعت أيضًا على تاريخ القراءة الذي عرضه عليّ العمّ ألبرتو مانغويل، وأصابني الإرهاق لقراءة مثل هذا العمل الضخم، لكن حنكة أجاثا كريستي انتزعتني من إرهاقي لتجعلني شاهدًا على تحفتها "ثُم لم يبق أحد"، ورغم أنني بحثت طويلًا معها إلا أنني لم أعرفه فعرّفتني عليه. انطلقت بعدها مع أشرف العشماوي صاحب القلم السردي الجميل ليُقدّم لي سيدّة الزمالك، وذلك في خضم رحلة طويلة ممتعة كانت خير صاحب في أيام الصيف.
     
اكتشفت هذا العام كتب الرائع عبد الفتاح كيليطو، قرأت له كتابين "أتكلم جميع اللغات، لكن بالعربية" و " لن تتحدث لغتي" وللأمانة من أجمل ما قرأت في قراءات الأدب، حتى أنني أطلقت عليه لقب ألبرتو مانغويل العرب!
    

في الربع الأخير من العام، ووسط تكهنات بحرب وشيكة أو توقعات بكساد اقتصادي مُحتمل، اخترت قراءة كتاب" لماذا الحرب؟" للدكتور نادر كاظم الذي قدّم لنا رسائل -تدور حول هذا السؤال- بين فرويد وآينشتاين. ثم أعقبته بقراءة الكتاب المُهم لتكوين أساسيات اقتصاديات بسيطة للأفراد بشكل مُستقل، وهو الأب الغني – الأب الفقيرـ لرجل الأعمال روبرت كيوساكي.
      
أنهيت رواية "راوية الأفلام" القصيرة الممتعة في عجالة، لألحق بطائرتي إلى نيجريا مع رواية "أشياء تتداعى" للكاتب النيجيري تشنوا آتشيبي، مرورًا بالسودان مع رواية الغرق للكاتب حمور زيادة. رحلة مُلهمة في الأدب الأفريقي الذي كانت تجربتي الأولى معه.
     
عند عودتي... استقبلني الرقيب في ديستوبيا عالم سطح العالم لبُثينة العيسى، لكنني استطعت بمعجزة ما أن أهرب منه بمُساعدة جُمانة حدّاد التي اصطحبتني معها في جولة "صُحبة لصوص النار". اكتشفت معنى جديد للمتعة مع حواراتها المذهلة مع أمبرتو إيكو، وجوزيه ساراماغو وبول أوستر وباولو كويلو وماريو فارغاس يوسا.
      
لأجدني هنا... أكتب عن رحلتي التي امتدت لعام، يملأني الحنين إلى كل حرف عانقته عيني. فأقرر أن أقدّم الشُكر والعرفان لكل كاتب أهداني عملًا أمتعني وأفادني. وأقدّم بدوري رحلتي هذه مزودة بكل مراجعاتي على جميع الكتب التي قرأتها هذا العام.
       
قراءة مُمتعة 
    
   
أحمد فؤاد
31 ديسمبر 2019
     
    



 


---


google-playkhamsatmostaqltradent