مُقدّمة قبل الحوار
أعترف أنني من مُحبي أدب القصة القصيرة، وأنني كنت ومازلت كاتبًا مُخلصًا لها، ذلك لأنني أؤمن بأن القصة القصيرة لها قدرة انفجار عظيمة في النفس تتناقض مع طبيعتها المُقتضبة. ولعلّ هذا التناقض هو ما يُحيّرنا عند محاولاتنا تفسير التأثير المُدوّي الذي تتركه في نفوسنا.
القصة القصيرة فنّ اقتناص وتجسيد لمواقف عابرة تمرّ علينا في الحياة. تعني بتأمّل تلك اللحظات وإلقاء الضوء عليها والبحث عن زوايا جديدة لصور تلك المواقف. لا تهتم بالتأويل ولا بإشباع القارئ بدلالات حتمية، بل تحرص على تحريضه على التأمّل. تفتح له بوابة سحرية يرى فيها عالمه بشكل جديد ومنظور مختلف. تُحرّر الدهشة من عقال أعماقه، فتستثير شغف التأمل داخله وتطلق فيه مُتعة الرغبة في سبر أغوار المضمون. ومن ثّمّ تورّطه في مغامرة اكتشاف المعنى دون إلزام بمدلول مُحدّد.
اكتشفت مؤخرًا قلم القاص السوري المُبدع إبراهيم صموئيل، وعلى الرغم من أنه كان اكتشافًا مُتأخرًا، إلا أنني سعدتُ بتأخر اكتشافي هذا كي يتسنّى لي قراءة هذا القلم المُدهش بعقل أربعيني يزعم بأنه ناضج!
إبراهيم صموئيل لديه قلم مُذهل وأسلوب عذب يخلط فيه العادي بالاستثنائي. كلما قرأت قصة من قصصه كنت أندهش؛ كيف يمكن للكتابة أن تكون غاية في السهولة هكذا؟ كيف يُمكن للكاتب أن يُحوّل أحداث حياتنا الرتيبة إلى حكايات مشوّقة؟
فاجأني الكاتب بسرده المُبهر لتفاصيل بسيطة تشبه تفاصيلنا المُهمَلة في عقولنا. في قصص إبراهيم صموئيل؛ لا بُد أن نرى أنفسنا في إحداها. نستحضر ما يقبع في الجانب المُظلم من الذاكرة، وندرك أن التفاصيل البسيطة في الحياة لم تكن في حقيقة الأمر بسيطة، إنما كانت تخفي خلفها ألغازًا عميقة لم تسنح لنا فرصة مناسبة لتأمّلها وقت حدوثها، أو لعلّنا لم نكن ننظر إليها آنذاك من منظور صحيح!
تولّدت داخلي رغبة حثيثة لإجراء حوار مع الكاتب إبراهيم صموئيل خاصة عندما قرأت عن ولعه بأدب القصة القصيرة وإخلاصه الشديد له. تواصلت معه فتكرّم مشكورًا بقبول طلبي بإجراء هذا الحوار، ليكون ضيفي الثالث في مشروعي لإجراء سلسلة حوارات مع الأدباء والمُثقفين حول العالم، والذي بدأته مع ضيفيّ السابقين: الروائية الكويتية بُثينة العيسى (رابط اللقاء)، والمُترجم السوري مُعاوية عبد المجيد (رابط اللقاء).
حاولت أن أدير حوارًا مُختلفًا، وآمل أن أكون قد وُفّقت في ذلك، وأن يضيف هذا الحوار لي ولمن يقرأه الفائدة الأدبية المرجوة.
أحمد فؤاد
نجحتَ في كتاباتك القصصية -خاصة رائحة الخطو الثقيل- أن تنأى عن الشكل النمطي لأدب السجون المعروف بسوداويّته وأوصافه المُرعبة. فجئت بشكل جديد للحكي عن آلام النفس النائية عن عيون الآخرين... منظور مُختلف يستسيغه القارئ فيُدرك المعاناة وقسوتها دون تخويف وترويع. كيف أمكنك الجمع بين الألم والرهافة وبين القسوة والعذوبة؟ وهل قصدت بالفعل ألا يظهر السرد مروّعًا بشعًا بغيضًا على النفس؟
ملاحظتك دقيقة تماماً، فأدب السجون له حساسية بالغة، إذ من الممكن أن يؤدّي إلى تخويف القارئ وبثّ الهلع فيه من تجربة السجن. ولكنْ، في الآن نفسه لا بدَّ من تعرية وفضح قسوته وآلامه وكوابيسه الواقعة على السجناء.
بالتأكيد ثمة قصدية في تحقيق المعادلة الصعبة هذه، بيد أن الأدب ليس دراسة أو بحثاً فكريّاً تنظيريّاً. من جهتي لطالما استغرقتني آلام الروح ومُكابداتها وتوقها. لطالما استغرقتني شروخ النفس جرّاء هذا الاختراع الرهيب المُسلّط على البشر. فإذا كانت آلام الجسد ممّا يندمل ويترمَّم مع الزمن، فإنّ ما يمكث في الروح حكاية أخرى.
هل دفعتك تجربتا الاعتقال إلى إيثار الانزواء والاختفاء عن الأضواء؟ تحديدًا عن وسائل التواصل الاجتماعي؟
بل على العكس والنقيض تماماً. تجربتا دخول السجن أوقدتا طاقات حبّي وتقديري وشغفي واكتشافي لمعاني ودلالات مفردات الحياة الكبيرة منها والصغيرة، وعلى تنوّعها وتعدّدها. ففي السجن فقط تساءلتُ بحرقة: كيف لم أمشِ كثيراً تحت الشمس؟! كيف لم أُخصّص وقتاً أطول لتبادل الأحاديث مع أمّي؟! كيف لم استغرق بطعم الخبز، وسخونة الشاي، ورائحة النعناع، وما تتركه الشمس على الملابس المغسولة؟! فما بالك إزاء الحنين واللوعة والشوق الكاوي للأهل والأصدقاء والحبيبة والزوجة والأولاد والحارة والجيران... بل وحتى للتزاحم على وسائل النقل، إذا شئتَ!!
ولحديثي دوماً عن توقد وتوهّج مفردات الحياة في داخلي جرَّاء تجربة السجن، يحدث ـ أحياناً ـ أن يخال سامعي أنني أدعو إلى ضرورة الخوض في تجربة السجن!!!
أما عن عدم انخراطي مع وسائل التواصل الاجتماعي، فلهذا أسباب عديدة يطول شرحها، ليس من بينها ـ بالتأكيد ـ تجربة السجن، ولا ميلي إلى العزلة والاعتكاف وما إلى ذلك.
في رأيك... أيمكن للأدب أن يكون معنيًا بالتوثيق؟ أيصلح أن نوثّق به ما نمرّ به من أحداث؟ سياسيًا أو اجتماعيًا أو حتى مثلما يحاول البعض الآن (الكتابة عن تجربتنا مع فيروس كورونا على سبيل المثال)
أفهم تماماً أن يكون الأدب مرجعاً كشَّافاً، أو أن يُنظر إلى نصوصه كوثيقة لمرحلة اجتماعية اقتصادية سياسية...إلخ أما أن يكون معنيّاً بالتوثيق، مُتقصّداً القيام بهذه المهمّة عن سابق إصرار وتصميم... فلا اتفق مع هذا إطلاقاً، إذ لو أردتُ التوثيق لوَثَّقتُ بلغة وأسلوب ومفردات وأرقام وبيانات مباحث التوثيق على نحو مباشر.
أترى أن الكتابة الأدبية تنبع من رغبة حقيقية داخل الكاتب، أم أنها مجرد إمكانية يُطوّع فيها الكاتب أدواته لنثر ما يسمح له بالاستمرار في الساحة الثقافية؟
بالتأكيد، من رغبة حقيقيّة، صميمة، عميقة داخل الكاتب. بل إنني لأتّفق تماماً مع المذهب القائل إنَّ الجنس الأدبي هو الذي يختار كاتبَه، وليس الكاتب مَنْ يختاره. وبتعبير آخر، ثمَّة وشائج وروابط داخليّة سريَّة بين شخصية القصة القصيرة ـ مثلاً ـ وشخصية كاتبها.. وكذا الحال مع الأجناس الأدبيّة الأخرى، وربما لهذا قيل يوماً: رغم كتابة يوسف إدريس لروايات، إلاّ أن الروائي هو نجيب محفوظ. ورغم كتابة محفوظ لقصص قصيرة، إلاّ أن القاصَّ هو يوسف إدريس. هل من باب المصادفة أن القامة الإبداعية العظيمة في حقل الأدب محمود درويش لم يُصدر أية رواية؟ وأن ليس بين الأعمال القصصيّة العديدة لزكريا تامر ديوان شعر؟
بل أكاد أقول بأن الكتابة إبداعيّاً ـ برمَّتها ـ في حقل الأدب، كالحبّ الحقيقي، ليس اختياراً.
نُشرت أول قصة لك "الثوب الجديد" في عام 1968 وأنت في سن السابعة عشر من عمرك. لماذا لم تنشر بعدها أي قصة لمدة جاوزت العشرين عامًا، أي عند صدور مجموعتك الأولى "رائحة الخطو الثقيل" عام 1988؟
اعترفتُ، مرّة، بأنني شعرتُ بخيانة حبيَّ للقصة القصيرة حين سارعتُ ـ آنذاك ـ إلى نشر قصتي الأولى: "الثوب الجديد". صحيح أنها حين نُشرتْ كدّتُ أطير من الفرح والنشوة.. بيد أن شعوراً قوياً داخلني بأنّ عليَّ قبل بدء الكتابة أن أعيش الحياة وأجرّب تقلباتها وأحوالها. فلقد خفتُ، حقيقة، من رؤية قصة لي منشورة في جريدة، ولازمني الخوف، بل التهيّب ـ على الأصح ـ من فنّ القصة القصيرة عشرين عاماً، كنتُ خلالها أكتب القصص وأجرّب حتى أتمكّن من أن أقرع بابَ محرابها مُستأذناً بالدخول، وقد حدثت لحظة انبثاق القصص التي شكَّلت مجموعتي الأولى في أثناء وجودي في زنزانة سَجني للمرة الثانية.
ألا تعتقد أن فترة عشرين عامًا فترة طويلة من أجل البدء في تكرار عملية الكتابة أو النشر مرة أخرى؟
لا أدري إنْ كانت طويلة أم قصيرة أم مناسبة. كلّ ما في الأمر أنني شعرتُ بأنّ عليًّ التريّث والتدرّب والامتلاء بالحياة قبل الانطلاق. لم أسلك وفق قرار عقليّ تماماً. غلب عليّ ـ كما قلتُ ـ التهيّب جرّاء ما قرأتُ لكبار كتَّاب القصة القصيرة. كيف أكون بينهم قبل أن يكون لي قامة أدبية جديرة بالوقوف معهم؟!!
لِمَ تعُدّ نفسك مُخلِصًا للقصة القصيرة؟ وهل كانت لك تجارب في كتابة جنس أدبي آخر؟
أُعِدُّ نفسي مخلصاً للقصة القصيرة لأنها أحبتني وقًبِلت بي للدخول إلى مملكتها، فأخلصتُ لها. أنا ممتنٌّ لهذا الفن الأدبي لقبوله أن أكون أحد عشَّاقه وكتَّابه. وجدتُ روحي فيه، ووجدتّه فيَّ. ربما لأنّي في حياتي أشبهه، تستوقفني كلمة من شخص، تعبيرٌ، ملمحٌ على وجهه، لحظة صمت، درجة شدّ اليد في مصافحة. تأخذني، من كلّ صخب المحيط واتساعه وعمقه، لحظةُ انبثاق الحوت فحسب. ربما لأنّ الخزعة تكفيني لمعرفة ما في الكتلة مهما كبرت. في الحقيقة لا أعرف لِمَ. هو عشق وجدتني فيه ووجدته فيَّ.
أمّا عن الأجناس الأخرى فالجواب: لا! لم أجرّب، ولا حاولت، ولا فكّرت، ولا تمنّيت كتابة جنس أدبيّ آخر.
لماذا هذا العشق والانتماء لهذا الجنس الأدبي دون سواه؟
أعترف بعشقي للقصة القصيرة، هذا العشق الذي دعاني إلى تأمّلها والتملّي في تكوينها وتفاصيلها. فوجدت أنها شائقة، ممتعة، بل وساحرة. انبثق سحرها من ذلك التكثيف والاقتصاد في الشريط اللغوي لحياة، أو لحيوات، بأكملها. من دَوْرِ التعبير الواحد ووزنه في جسد النص. من عمق بصيرة القصّة وذكاء بصرها في التقاط الخاطف، الوامض. وكنت أعجب كيف لهذا المخلوق الرهيف أن يجني الدلالةَ من خزعاتٍ بالغة الصغر، ويستغني بها عن لغو الكلام، ويغتني! وأية قدرة فيه حتى يسلك الموصل، المؤدي، من تزاحم المغلق أو المتوِّه من الدروب. كيف لمفردة واحدة في معماره أن تقود القارئ إلى انفساح الرؤيا وأتونها. وكيف يَطوع الموضوعُ – أياً كان حجمه – فيلوذ في حضن القصة، ويهنأُ! أو ترتضي الفكرة – أياً كانت – بأن تطلّ من شباكها الصغير المنمنم لتشعّ على الدنيا!
بعد هذا الوصف الفاتن والرؤية المُبهرة للقصة القصيرة، ألم تشعر بالرهبة كُلما حاولت كتابة قصة؟
عليّ الاعتراف: إن أكثر ما يضنيني، ويقضُّ مضجعي، ويُتلفني في كتابة القصة هي الكتابة نفسها. تؤرقني الكتابة، كسرد ومعمار، من دون أن أقلق على الدفقة الداخلية، يناعة المشاعر، انفعالات الروح، واحتدام اللحظة المتوخاة وفيضها الحيوي الطليق؛ من محاكمات العقل المهني لها، وسُلطة رقابته الفنية، ومقاييس ورشة العمل وموازينها.. لأن الدفقة لا يقتلها – لديَّ على الأقلّ – الشغلُ عليها، والبحث عن المداخل والمخارج والمسالك الأنسب والأرحب لفيضها. ولا تؤثّر العناية الفائقة بها – أثناء كمونها أو بعد ظهورها الأول – في أية خلجة من خلجاتها. ذلك أن الدفقة هي الأصل، ولولا وجودها لما كانت القصة أساساً.
من هنا، عاهدت نفسي، والتزمت بالعهد، ألا أخطَّ سطراً في قصة إن لم يكن مني: دفقاً، وشُغلاً. ذلك لإيماني الراسخ أن القرّاء ليسوا أبداً حقول تجريب للكتّاب. ليسوا كائناتٍ لمختبر الكتابة، بل ملوكاً متوَّجين على الشطر المانح للنشر مبرره: القراءة.
أسلوبك الأدبي الفريد ولُغتك مُدهشة وأدواتك المُبهرة، تشي بخبرة قرائية مميزة. إن كانت تجاربك الحياتية الكثيرة والثرية لها بالغ الأثر في إطلاق شرارة الكتابة داخلك، فماذا عن تأثير القراءة الأدبية والأدباء في تعزيز ملكة الكتابة لديك؟
ما من شكّ أبداً أنني ابنٌ لكلّ مَنْ قرأتُ لهم من الكتَّاب العرب والأجانب. بعضهم أثَّر عميقاً، وبعضهم أقلّ عمقاً. بيد أنه انفردت أعمال اثنين من مجموع مَنْ قرأت لهم، بتأجيج نار رغبة الكتابة الكامنة فيَّ، وتعليمي، بل ووشم روحي عميقاً بإبداعاتهما: الروائي العظيم فيدور دوستويفسكي، والقامة القصصية العظيمة أيضاً: يوسف إدريس. وربما كنت أحتاج إلى شهادة خاصة، منفردة، لو أردت التفصيل في فضل وأثر هذين العملاقين عليَّ فيما قرأت وتعلمت وكتبت.. تماماً كما لو أردت التفصيل عن تجربة السجن فيما عشت ورأيت. لكنني أكتفي بالعرفان هذا.
هل اكتفيت بما قدّمته في مجال القصة القصيرة (أربع مجموعات قصصية)؟ ولماذا أنت مُقلّ جدًا في كتابة القصص القصيرة على الرغم من نجاحك الباهر في مجموعاتك الأربع؟ لماذا هذا الغياب الأدبي؟
بصدق، منذ أول سطرٍ في أوّل قصة كتبتها، عاهدتُ نفسي ألاَّ أكتب أيّ قصّة يُمكّنني تمرُّسي من كتابتها، أو تُمليها عليّ ضرورةٌ، أو عرفٌ، أو رائجٌ، أو حدثٌ مهما كان جللاً.... أو أيّ شيء غير روحي ورغبتي العميقة الصادقة. لن أتزيّد، ولن أفتعل، ولن أتظاهر بعدم الافتعال، ولن أركض مع الراكضين. إنْ هلَّتْ القصة، سأفتح لها ذراعيَّ وأخلص في كتابتها.. وإنْ غابت، فحقها، يكفيني ما عشته معها.
لا أريد أن أنتهز تمكّني الفنّي من كتابة القصة لإنتاج المزيد والمزيد من النصوص عَبْر التوليف والتلفيق وإعادة التدوير .... وما إلى ذلك! لستُ في سوق المُنافسة على عدد الكتب الصادرة لي. هذا لا يعنيني بتاتاً. أنا أنحني أمام هذا الينبوع لأروي تعطّشي إليه، لا لأبتذل ماءه!
لن أنسى أبداً ما حييت أمنية محمود درويش التي أفصح عنها في حوار معه من أنه لو كان بمقدوره لحذف ثلاثة أرباع ما نشره، وأبقى على الرُبع فقط! هذا مع العلم ان عدد دواوينه ـ حينها ـ لم يكن يتجاوز العشرين كتاباً!
إلى ذلك، كان جارحاً لي (حزناً وغَيْرةً على مؤلفيها) إصدار نصوص من قِبَلِ أصحابها وهم في أرذل أعمارهم، ونصوص أخرى أنتِجت لضرورة ولزوم المشاركة في حدث، أو لأسباب وأسباب هي في الواقع أعذار أقبح من ذنوب!! وهذه إحدى آفات كبرى في حياتنا الثقافيّة: أنْ تهبط، بإرادتك ووعيك، إلى حضيضِ موقعٍ كنتَ على قمّته يوماً!
لماذا نشعر هذه الأيام بأن القصة القصيرة جنس أدبي مُتّهم، وبأن الجميع يهرب من كتابتها حتى قاربت على الاختفاء ليس عربيًا فقط وإنما عالميًا؟
بدءاً، ما من فنّ إبداعيّ يظهر ويحضر، أو يختفي ويغيب من تلقاء نفسه، ولعلَّة فيه. المُبدع نفسُه هو الذي يهبط ويبتذل، أو يسمو ويبدع، فضلاً عن دور الإعلام والإعلاميين في التغييب أو التظهير، الذي كشف عن دوره وأثره الناقد الكبير رجاء النقاش ـ ذات مرة ـ حين كتب يقول: " لم تُظلم كاتبة في الوطن العربي كما ظُلمت سميرة عزَّام... رائدة القصة القصيرة التي لم تأخذ حقها من النقد والنقاد، ولم تنشر أعمالها كما ينبغي لكاتبة في مثل مقدرتها..."
أمّا مَنْ ينظر إلى هذا الجنس الأدبي نظرة اتّهام، فالعلّة، في اعتقادي، في الرائي وليس في المرئي.
أليس من هبوط وجروف ومنحدرات وتصدّعات في الغناء، والموسيقى، والرواية، والمسرح، والفن التشكيلي، والشعر، والمقالة...إلخ؟ وبالمقابل، أليس ما هو رفيع بديع في هذه الحقول؟ فَلِمَ نُميتُ جنساً أو فناً ونُحييه على هوانا وأمزجتنا؟ أو ننقاد كالقشّ كلما هبَّتْ رياحٌ من جهة الغرب، ونتَّجه وفقاً لتوجّهها، على الطالع والنازل!!!
انتهى
من هو إبراهيم صموئيل؟
- كاتب وقاص سوري من مواليد دمشق 1951.
- يحمل إجازة في الدراسات الفلسفية والاجتماعية من جامعة دمشق 1982.
- عمل لسنوات اختصاصيًا اجتماعيًا في حقل ذوي الاحتياجات الخاصة.
- يعمل حالياً كمدرّس ومحاضر في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى/عمّان، في الشؤون الثقافية والأدبية العربية.
أعماله
- رائحة الخطو الثقيل 1988 – مجموعة قصصية
- النحنحات 1990– مجموعة قصصية
- الوعر الأزرق 1994 – مجموعة قصصية
- البيت ذو المدخل الواطئ 2002 – مجموعة قصصية
- كتاب يضم مقالات قصيرة بعنوان (فضاءات من ورق) 1999
- صدرت مجموعاته في طبعاتٍ عدّة
- تُرجمت مجموعته الأولى (رائحة الخطو الثقيل) إلى اللغة الإيطالية وصدرت في العام 1997.
- تُرجمت عشر قصص مختارة من مجموعاته الثلاث إلى اللغة البلغارية وصدرت في العام 2002.
- قامت نوّار بركات بترجمة مجموعته (الوعر الأزرق) إلى اللغة الفرنسية، وصدرت في العام 2012.
- إضافة لترجمة قصص متفرقة إلى اللغات: الإنجليزية، والهولندية، واليابانية، والصينية.