أزمة!
في الماضي كانت الكتب؛ خاصة العربية منها- حتى المُترجَمَة منها- تُعاني من مشكلة الغلاف. دومًا كانت الأغلفة للكتب العربية لا تتناسب أبدًا مع المحتوى الرائع الذي كانت عليه النصوص البراقة. في الحاضر - في عصر الصورة والفيديو - انقلبت الآية وصارت أغلفة الكُتب مُبهرة أكثر من النصوص ذاتها، ولا تتناسب إطلاقًا - في كثير من الحالات- مع الحالة المُتردية التي وصلت لها كثير من النصوص الأدبية؛ ليست العربية فقط بل جميع النصوص الأدبية العالمية.
هل نعاني هنا من أزمة محتوى؟ أم أزمة طُغيان الصورة على المضمون؟
قصة لطيفة بسلبيات قاتلة
فرصة ضائعة
قصة الرواية تعتمد على الموهبة الفطرية التي تملكها بائعة الكُتب ”آشلين“ والتي تُمكنها من الإحساس بمشاعر قُراء الكُتب من خلال لمسها للكتب وصفحاته. تُسمى هذه المشاعر بالأصداء. ومن خلال هذه الموهبة بدأت قصتن. واستغلتها الكاتبة باربرا ديفيس مدخلًا ذكيًا إلى أحداث الرواية. لكن للأسف كان استخدم تلك الموهبة محدودًا جدًا، واقتصر على كونه مدخلًا للقصة وللتأكيد على بعض الأمور والقرارات في محطات معينة في الرواية، وذلك بدلًا من أن تستخدمها الكاتبة لتكون عاملًا مؤثرًا في الرواية، أو على الأقل كوسيلة لتطوير الحبكة. ربما استخدام الكاتبة لهذه الموهبة كان ذكيًا، كونها ستلهب لُب القراء -وأنا منهم- لكن للأسف لن يجد القارئ ما ينتظره من حماس تجاه توظيف تلك الموهبة في الأحداث.
تناسق مفقود
الرواية متنوعة الأساليب الكتابية، فجزء مكتوب بصيغة الراوي وجزء كبير مكتوب في شكل خطابات أو مذكرات، والأخير هو الجزء الأجمل. لكن على قدر جمال الأسلوب الأدبي المُستخدم في نصوص الخطابات، إلا أن تلك الجودة كانت أكبر من الحبكة والأحداث.
إسهاب بلا توقف!
الرواية جاءت طويلة جدًا ولم أجد مبررًا لهذه الإطالة. كان يمكن تقليص حجمها بمل لا يقل عن 150 صفحة بكل سهولة. وستظل نسبيًا كبيرة أيضًا.
افتتاحيات مُحبِطة
الاقتباسات الموجودة في بدايات الفصول جاءت مخيبة الظن في أغلبها. جاءت الاقتباسات غير ذات صلة بالفصول تارة، وجامدة تارة، وغير ملهمة تارة أخرى.
إيجابيات
أسلوب أدبي جمالي
على الرغم من ذلك لا أنكر أن هناك بعض الأجزاء في الرواية ممتع. مثل استخدام أسلوب الرسائل أو كتابة المذكرات في بعض الأماكن، خاصة وأن بعضًا منه مكتوب بشكل أدبي بديع. أيضًا تصميم بعض اللقاءات كان ممتازًا. لهذا فلا يمكنني أن أقول أن الرواية تخلو من بعض الجماليات. لكنها جاءت قليلة متناثرة وسط محيط من التكرار والإسهاب والحبكات المهلهلة وطوفان القرارات غير المنطقية.
الترجمة
ترجمة الرواية وخاصة التعبيرات الأدبية الجمالية في الرسائل جاءت في أغلبها رائعة، ربما الترجمة من المكافآت الجميلة على قراءة هذه الرواية.
على الهامش
تجربة تُضاف إلى قائمة تجارب Goodreads السيئة!
بعد قراءة هذه الرواية خلصت إلى قرار نتج عن عدة تجارب عملية، اهرب من أي كتاب حصل على جائزة من موقع Goodreads. خاصة إن كانت تلك الجائزة مُنحت بناء على تقييمات القُراء.
كان لي تجربة مع رواية مكتبة منتصف الليل. كانت تجربة غير جيدة. وها قد تكررت مع رواية ”صدى الكتب القديمة“. قصة سطحية، ونص أعلى أدبيًا من الأحداث، وحبكة مُفككة، وثغرات بحجم الثقوب السوداء، وقرارات غير منطقية للشخصيات، وتطويل دون أي داعٍ، وقصص متداخلة دون سبب، ونهاية مُتعجلة رغم الحجم الضخم للرواية، ومشاعر كلاسيكية وأحداث متوقعة. خلطة ممتازة تُقدم لجمهور الشباب توضح مدى الأزمة التي نعيشها في عصرنا الحالي الخالي من المضمون والعُمق. ونضف على ذلك الإقحام الفجّ لليهود والأشخاص اللطفاء والأبرياء والصور الإيجابية عنهم وعن اندماجهم في المجتمع الأمريكي أو الأوروبي، هذا في حد ذاته سبب كافٍ كي تُمنح الرواية جائزة غربية.
التقييم النهائي
رواية ”صدى الكتب القديمة“ رواية مُسلية ولطيفة بنكهة قديمة. لا شك أنها ستٌقدم بعض المتعة أثناء القراءة وخاصة مع الترجمة العربية. وأغلب الروايات المُسلية لن يهتم فيها القارئ بحبكات غير مُقنعة او قرارات غير ممكنة.
- نجمة = لم يعجبني
- نجمتان = مقبول
- 3 نجوم = أعجبني
- 4 نجوم = أعجبني بشدة
- 5 نجوم = استثنائي