random
أخبار ساخنة

كيف تصبح رائدًا ناجحًا للأعمال في ثلاث دقائق؟

 



      

   



الحياة حقًا صعبة، وفي عصرنا الحالي صارت أكثر صعوبة.

  
كُنّا نقول منذ سنوات أننا في عصر السُرعة فإذا بنا في عصر تكاد السُرعة نفسها لا تكفي لقياس تغيّراته الخاطفة. لا مكان للجهل ولا وقت للفشل. والفُرص من حولنا تُهدَر رغم ندرتها فيلتقفها الآخرون صاعدين على أكتفانا صانعين منها قصص النجاح في مهارة. مهارةٌ يسمّيها من خسر الفرصة؛ انتهازية، بينما يصفها من وقعت عليه الفُرصة من السماء؛ بسُرعة بديهة أو بذكاءٍ فِطريّ!

   

نحاول النجاح مُسلّحين بالعزيمة مُقتنعين بأهمية التعلّم. ننجح ببطء لا يناسب كمّ النجاحات التي نراها من حولنا. تبدو خطوات تقدّمنا البسيطة متواضعةً بجوار قصص النجاح العملاقة التي نراها في كل يوم من حولنا. يزعجنا الأمر لكننا نقاوم القلق بمزيد من التعلّم والممارسة. يلزمنا الوقت فقط للوصول إلى النجاح المأمول. ونُفكّر بتمعّن فنخلص إلى ضرورة الإطلاع على أشهر التجارب الناجحة لعلّنا نجد فيها ما يختصر علينا الطريق. لابد وأن الإلهام هو ما ينقصنا.

   

لكن مهلًا… أولئك الناجحون المشهورون… إن قصصهم تغمرنا من كل اتجاه حتى نرتاب في أن نكون فاشلين بجدراة في هذه الحياة. ومع مزيد من البحث نكتشف بِرَوع أن أولئك الناجحين كُثر، فنشعر بسطوع شُهرتهم وتغلغل أشعة نجاحاتهم المُبهرة تخترقنا؛ تفضح إنجازاتنا القليلة فتُظهرها باهتة مُخجِلة. ينتابنا اليأس وتُثبَط عزيمتنا ونستسلم في خسارة غير مُستحقَة. هكذا نتعرّف على الحقيقة المُرعبة؛ الوقت لن يكفي للوصول إلى الريادة بمُعدّل نجاحنا الحالي. ونستنتج أن طريق النجاح ليس العلم وليس التعلّم وليس الاجتهاد… إنه شيء آخر… شيء بسيط رغم تعقيده الظاهر. إنه مزيج من مهارة في اقتناص الفُرَص، وبراعة في التظاهر بالنجاح، وإجادة في استخدام الشُهرة!








   




    

هل تفاجأت؟ لابد وأنك قد فكّرت بهذه الطريقة ولو لمرة. فالأمر مُثير للدهشة وللحنق في ذات الوقت. لكن لا تبتئس.. أنا لا أخدعك بالعنوان… استمر في القراءة وأعدك أنني سأخبرك بالطريقة.

   

قد يبدو لنا أن قواعد الزمن قد تغيّرت، وأن النجاح لا يلزمه التعلّم وإنما القليل منه، وأن التطوّر والتقدّم لا يقتضي ممارسة التجربة بل تعوضّها النصائح الآتية من نجاحات الآخرين، وأن التفوّق لا يحتاج إلى تكامل مَعرفي في أمور الحياة المُختلفة، وإنما يُغني عنه سِعة الإطلاع الضيّقة في المجال المُرغوب. فالوقت كالسيف والحياة قصيرة ولا مجال لضياع الوقت فيما لا يفيد حتى وإن كان نافعًا! وإن النجاح الباهر الذي تخبرنا به القصص الناجحة من حولنا لأكبر دليل على ذلك!

  

لكن الأمر ليس كما يبدو على الإطلاق. صحيح أن الحياة قد أصبحت سريعة لدرجة تجعلنا نلهث وراءها بشكل مُستمر من أجل التكيّف والتأقّلم مع التطورات المُتعاقبة في كل المجالات. لكننا في الواقع نغفل عن حقيقة أننا لسنا في سباق مع الزمن من أجل النجاح. الأمر لا يتعلّق بالوقت بل ببُنية النجاح نفسه التي تضمن له عُمقًا يُمكّنه من الاستمرار لفترة معقولة مُستقبلًا.

      
       





   

إن قصص النجاحات ذات البريق المُبهج، والتي تصوّرها لنا الأخبار على مواقع التواصل الإجتماعي، هي مُجرد قصصًا ناقصة مُخادعة. إنها تفتننا وتدغدغ مشاعر اللهفة فينا بلحظة قطف الثِمار، مُختزلة بشكل صارخ كل المصاعب التي كانت لازمة من أجل الوصول إلى هذه اللحظة. يغرينا ذلك بأن نبالغ في عظمة تلك اللحظة فنخرجها عن سياقها بأنها مكافأة عن كل أيام تعب طويلة سبقت ذلك النجاح الذي تكلّل بكل استحقاق. فنعتقد أن السعادة تكمن في تلك اللحظة حصرًا، ساهين عن أن هذا النجاح المُشوّب بالنشوة، ما هو إلا نتجية لتراكمات عشرات الإنجازات الصغيرة التي كانت تحمل معها لحظات السعادة والثقة بالنفس.


    


قد تبدو قصص نجاحات الآخرين التي نراها على شاشات التلفاز أو في إعلانات مواقع التواصل الإجتماعي ضخمة رغم أنها مهما بلغ عددها، فهي لا تُمثّل إلا نسبة قليلة للغاية من إجمالي قصص حياة البشر المُحيطين بنا. لكن طبيعتنا البشرية لا تلتفت إلى التجارب المُشابهة لها وتطمح في التميّز والارتقاء والاختلاف عنها. ولهذا فنحن لا نهتم بمتابعة التجارب البسيطة أو المحاولات الفاشلة رغم أهميّة دور كليهما –بديهيًا- في ضبط بوصلة الطريق الصحيح. يُغرينا الإعلام بأن نشتهي لقطة النهاية السعيدة وأن نتناسى لحظات الألم التي كانت هي وقود النجاح!

    

انظر نظرة مُقرّبة لأي رائد أعمال ناجح في أي مجال. ابحث عن تاريخه. ستجد آلاف العثرات التي واجهها في طريقه الطويل، ومئات الفُرص التي فوّتها لأنها لم تكن تُناسبه حينها، وعشرات الإنجازات التي صنعها فصار بارعًا في ابتكارها. ستجد أنه لم يتوقف… بل كان مُستمرًا في المحاولة.
 

إن من يبحث عن طريق سريع للنجاح هو إنسان مُقدم على الخسارة على المدى الطويل حتى وإن وصل إلى القمة لمرة. فالمشكلة في الواقع ليس في الوصول وإنما الاستمرار في التطوّر. إن النجاح دون فشل هو نجاح بلا قيمة لصاحبه، لأنه لا يحمل نُضجًا ولا حنكة أو خبرة تُمكّنه من النجاة من أي مأزق من المآزق التي يمر بها في طريقه الطويل.
  

يقول زيغ زيغلر: لا يوجد مصعدًا إلى النجاح. من أجل الوصول؛ يجب عليك أن تستخدم السُلّم.


      



         




من الطبيعي أن يسبقنا آخرون، وأن يكون هناك من يتأخّر عنّا. نعم قد نطمح في أن نصل إلى القمة وأن نستمر في نجاحنا، وهذا حقٌ مشروع. لكن يجب أن نفهم أن لا أحد يصل إلى القمة فجّأة، أما إن وصل –بضربة حظ أو بمصادفة – فإنه لن يبقى في القمة طويلًا، وإن بقى فذلك سيكون بسبب اجتهاده بعد الوصول، ونتيجة محاولته اكتساب خبرات جديدة بشكل مُستمر. وحتى إن استمر نجاحه فلن يستقر على القمة إلى الأبد… لأن هذا ليس من نواميس الحياة. فحركتنا كَبَشر متباينة، وهذا التباين هو ما يدفع عجلة الحياة إلى الأمام.

هذه ليست دعوة إلى التكاسل والإحباط أو إلى ترك الاجتهاد في العمل وإهمال الحرص على التعلّم وتجاهل اكتساب الخبرات بحجّة أنها تفقدنا الوقت، ولا هي مُطالبة بالبحث عن أقصر الطُرق من أجل تحقيق الغايات بأي وسيلة.

وإنما هي دعوة للسعيّ والتركيز على أسباب النجاح أكثر من التركيز على غاية النجاح ذاته. دعوة للافتخار بإنجازاتنا مهما بلغ صِغرها، وأن نُقدّر تجاربنا غير الناجحة، وألا نتوقّف أبدًا عن المحاولة. ليس المًهم مكاننا على الطريق، لكن الأهم هو أننا نتقدّم فيه. نحن مُطالبَون بالسعيّ وليس بالتوفيق. والسعي وحده هو ما يفتح أبواب الغَلَبَة والفَلاح. إننا نعيش في حالة حركة ديناميكية مستمرة كما كل شيء حيّ، لا نملك ترف التوقّف التام عن الحركة، لأن هذا التوقف يعني السكون والذي بدوره يعني الموت.

إذًا… كيف تصبح رائدًا ناجحًا في الأعمال في ثلاث دقائق؟

يُمكنك ذلك إن استوعبت ما قد قرأته في الدقائق التي استغرقتها في قراءة هذا المقال. أما عن الطريقة فدعني أخبرك بسرٍ: لا يوجد نمط واحد للنجاح… كُن مثل الطفل الذي يتعلّم المشي من خلال تجنّبه أخطاء تجاربه المًستمرة.



فقط محاولاتك المُتكررة هي ما سترسم لك طريقك للنجاح.





أحمد فؤاد
11 تشرين الأول أكتوبر 2020



google-playkhamsatmostaqltradent