مهما مرّ الزمن
وارتقينا في أعمالنا، يظل للخطوة الأولى –رغم بدائيتها- سحرًا في النفس وحلاوة في
القلب. بين الحين والآخر تهبّ علينا رياح الذكريات، تحمل معها نسمات مُشبّعة بأريج
عذب، تملأ الفؤاد نشوة مُسكِرة ترسم الابتسامة على وجوهنا مهما كانت صعوبة تلك البدايات.
نتذكّر رحلتنا الطويلة التي مرّت علينا منذ الخطوة الأولى وحتى اليوم، ونتعجّب كيف مرّت الأيام على غفلة منّا رغم كل يقظتنا!
أكتب اليوم مُنتشيًا
بعدما تذكّرت أن اليوم هو ذكرى أول مقال/تدوينة أكتبه/ها، وكان ذلك منذ عامين
تحديدًأ في الثالث من أيلول/سبتمبر 2018. يعتريني الحنين وأنا أتذكّر مقالتي التي
كتبتها عن تجربتي في التحوّل إلى القراءة الإلكترونية مع أول استخدام لأجهزة
القراءة الإلكترونية ذات تقنية الحبر الإلكتروني. المقال كان بعنوان "القراءة
ليست للجميع" وقد نشرته حينها في مدوّنتي القديمة "عندما أكتب"
وفوجئت برد فعل عظيم من القُرّاء والمُتابعين والمُهتمين بهذا الأمر، رغم أنني كنت
أكتب تلك التدوينة لمجرد نشر تجربتي لعلّها تفيد من يُفكّر بالدخول إلى عالم
القراءة الإلكترونية. زادني ذلك حماسة بالاستمرار في الكتابة، حتى مرّ عام كامل لم
أتوقع فيه ذلك التفاعل الرائع. ووجدت بأن بداية جديدة لابد منها من أجل الارتقاء
بما أحاول تقديمه.
بعد مرور سنة
كاملة وفي 3 أيلول سبتمبر من العام الماضي 2019، كتبت مقالًا بعنوان
"التدوينة الأخيرة" – وهي التدوينة التي أفصحتُ فيها عن
قراري بالتوقف عن الكتابة في مدونتي، والبدء في تحقيق حلمي بإنشاء منصة ثقافية لإثراء
المُحتوى العربي، تحتوي على مقالات ثقافية متنوعة ومراجعات عن الكُتب والروايات
وقسم خاص بمراجعات القراءة الإلكترونية، وقسم خاص بالكتابة الإبداعية.
واليوم؛ الثالث
من أيلول سبتمبر 2020، أكتب لكم من منصّة عالم موازٍ، تحمل بعضًا من أحلامي التي
حققتها، وتخفي داخلها أحلامًا قادمة تحت التنفيذ.
لا أحاول
الالتفات إلى نجاحات مضت ولا أفكّر في نموّ مُرتقب. كل ما أطمح إليه هو الاستمرار
في الكتابة ومحاولة التطوّر.
أشرد بفكري إلى
الثالث من أيلول المُقبل، وأتساءل؛ تُرى –إن كتب الله لي العُمر- هل سأنجح في ما
أنوي تقديمه هذا العام؟ أتنهّد خالصًا إلى أن المهم هو السعيّ أما النتيجة فهي في يد الله. إن
الإنجاز يكمن في الأسباب، والحرص على الاستمرار في المحاولة.
و مهما كانت
النتيجة في العام المُقبل، سيظل دائمًا المقال الأول الذي كتبته -بالنسبة لي- جميلًا فاتنًا
ساحرًا، يحمل لي معنى طفولة الحلم، صِبا الحماس، وشغف الاندفاع.
ويظل واجبًا
عليّ أن أشكر كُل من قرأ لي حرفًا، وكُل من تفاعل بإعجاب أو بانتقاد، فأولهما
يلهبني حماسًا، وثانيهما يُحرّضني على التعلّم، وكلاهما يدفعني إلى الأمام.
وسأنهي هذه
التدوينة باقتباس من مقالي "التدوينة الأخيرة"
إن محاولاتنا في الحياة مهما كانت صغيرة هي أثرنا الباقي في هذا العالم... فاصنعوا خطواتكم؛ فلن يبقى من آثاركم سوى الخطوات المليئة بالأمل.
3 أيلول سبتمبر 2020