random
أخبار ساخنة

القراءة ليست للجميع!!




القراءة ليست للجميع!!



في حياتنا بعض القرارات التي قد تغيّر مسارنا في هذه الحياة، قد تكون تلك القرارات بسيطة لكن تأثيرها يكون عميقاً، بل وقد لا نلحظ هذا التغيير إلا بعض مضي وقتاً طويلاً على اتخاذ القرار. قد يعتقد البعض أن مثل هذه القرارات ترجع إلى الصدفة، إلا أنني لا أعتقد ذلك. هذه القرارات هي فُرص تظهر أمام عينيك بين الحين والآخر، وأنت من يتخذ القرار. أنت فقط.
اتخذ قرارك… لن تندم

البداية… تائه

أنا شخص يحب القراءة، منذ صغري وأعشقها، أحب العيش في مغامراتها والسفر من خلالها، أحادث الناس فيها، وأجادل شخصياتها وأحياناَ أتقمّص أدوارها. تنتهي قراءاتي ولا ينتهي أثرها، فأظل ساعات وأيام وأنا مازلت في عالم ما قرأت. لهذا كان انقطاعي عن القراءة لمدة ثلاثة أعوام – لم يتعدى ما قرأته من الكتب خلالها أصابع يدا الانسان – بالغ الأثر في توقفي عن الكتابة بشكل تام. وحينها توقفت عن الحياة التي أحببت. صرت شخصاً آخر… شخصاً تائهاً في عالم جامد أغلق أبوابه أمامي، ولم أعد أرى آفاقاً له، حيث أغلقت أبوابها عن عوالم طالما كتت مُقيماً فيها.

ومضة… وقرار

خلال عطلتي الصيفية العام الماضي في مدينة الغردقة بجمهورية مصر العربية، وأثناء توجهي إلى حمام السباحة لقضاء بعض الوقت للسباحة الترفيهية. لاحظت أكثر من أربعة أشخاص مسترخون على كراسي الشازلونج للاستمتاع بأشعة الشمس وهم يمسكون بأجهزة قراءة إلكترونية. لفت انتباهي أنهم يقرأون تحت أشعة الشمس المباشرة، وأثار فضولي تمكني من رؤية الحروف الواضحة على شاشة الجهاز بسهولة ويسر وكأنني أقرأها على صفحة ورقية.

حينها اتخذت قراري بشراء جهاز قارئ إلكتروني.

وضوح الشاشة تحت أشعة الشمس المباشرة


بدء البحث

بمجرد انتهاء عطلتي بدأت البحث عبر الانترنت عن معلومات عن هذا الجهاز، وجدت العديد من الأجهزة وطرازاتها المختلفة، وأسعارها المتفاوتة. وبعد فترة من البحث استقريت على شراء جهاز أمازون كندل، رغم أنني عرفت أنه لا يدعم اللغة العربية.!

DSC_0275-01


صدمة

عندما اشتريت الجهاز واجهتني صعوبة في إيجاد محتوى عربي للجهاز، حتى أنني لم أجد من أسأله عن رأيه في الجهاز، وعن مشاكله أو مميزاته معه، كانت المعلومات العربية شحيحة جداً إلا من حسابين على منصة تويتر أرشداني إلى كيفية تغيير الخط العربي التعيس على الجهاز. بعدها واجهت المشكلة الكبرى… لا يوجد محتوى عربي للجهاز.

حراك عربي – رابطة مالكي كندل

كنت أشتري بعض الكتب الإلكترونية لقرءاتها على جهازي اللوحي سابقاً، وذلك من مكتبات مثل جرير ونيل وفرات عن طريق برامجهم المتاحة على الهواتف والأجهوة اللوحية، وتمنيّت أن أنقل كتبي المشتراة من تلك المكتبات إلى جهازي القارئ الإلكتروني أمازون كندل، وذلك رأفة بحال عيني المُصابة بجفاف مزمن وألم شديد أثناء مطالعة الشاشات الإلكترونية لمدة طويلة.
كان ذلك عندما صادفت بعض الأشخاص الذين يعانون من نفس مشكلتي، ووجدت مجموعة على منصة تليجرام كوّنت مجتمع لمالكي جهاز كندل للمتحدثين باللغة العربية. مجتمع لتبادل الخبرات وتسهيل وجود خطوط عربية ودعم الكتب العربية على الجهاز في ظل تجاهل شركة أمازون لدول الشرق الأوسط. والذي أصبح مرجعاً لكل من يرغب في الاستفسار عن الجهاز لشرائه، أو مرجعاً لمالكي الجهاز لحل أي مشكلة واجهت المستخدم العربي. لنصل بهذا التجمع إلى قرابة 8000 عضو خلال عام واحد فقط.


هذا الحراك القوي كان سبباً في دفع أمازون للإسراع بدعم اللغة العربية لجهازها وإتاحة عملية الشراء للكتب العربية، وذلك بعد حملة قادها مالكي الجهاز للطلب من شركة أمازون دعم اللغة العربية، لتدعم بعدها شركة أمازون اللغة العربية لأجهزة القراءة الإلكترونية التابعة لها وأتاحت شراء الكتب العربية مباشرة.


عام مضى… ماذا حدث؟

اليوم يمر عام كامل على شرائي لجهاز القراءة الإلكترونية كندل، ما الذي يعينه ذلك؟
20180726_120949-COLLAGE




    • قرأت 43 كتاباً إلكترونياً مقابل 3 كتب ورقية فقط.
    • أصبح جهاز كندل صديقي الدائم… معي في كل الأماكن التي أذهب إليها سواء في المنزل أو المقهى أو النادي أو أثناء زيارات الطبيب أو حتى إنهاء بعض المعاملات الحكومية.!
    • اتخذت قراري بكتابة أول رواية طويلة لي، وأنا عاكف على كتابتها الآن وانتهيت من نصفها.
    • حياتي تغيّرت وشعرت بأنني استعدت نفسي من حالة التشتت التي كنت فيها، فأنا كائن يتنفس الحروف ويعيش بكتابتها.
    • أدركت أن القراءة ليست للجميع كما يقولون، وإنما القراءة هي لمن يحب أن يقرأ، لمن يعيش في عوالم الكتب، ويتذوّق حروفها.





IMG_20180902_223053
مقارنة بين حجم جهاز كندل وأحجام الكتب الورقية










IMG_20180902_223055
مقارنة بين حجم كندل وحجم الكتاب الورقي

أسباب اتجاهي لأجهزة القراءة الإلكترونية



  •   تعمل شاشتها بتقنية الحبر الإلكتروني، أي أن الشاشة بيضاء وتتشكل الحروف باللون الأسود، مما يجعلها مثل الكتب الورقية فيسبب راحة تامة للعين. أبعدني ذلك عن شاشات الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية التي تؤذي العين بشدة.
  •   الأجهزة مخصصة للقراءة فقط، لهذا لن تصاب بالتشتت من تنبيهات البرامج.
  • التوقف عن التخلص من الكتب، حيث أنني شخص مسافر باستمرار، ولا أستطيع الحافظ على الكتب، والتي كنت إما أن أتبرع بها أو بيعها مستخدمة.
  • القراءة في كل مكان وكل زمان… صباحاً أو مساءاً… عشر دقائق خلال فترة الراحة بالعمل… طابور المقهى… في الطائرة… في سيارة الأجرة.
  •  تعلّم قراءة الكتب باللغة الإنجليزية بوجود القواميس دون الدخول إلى الانترنت.
  •  الحصول على الكتب الممنوعة أو غير متوفرة لدى المكتبات.
  •  قراءة مقالات الانترنت الطويلة وذلك على شاشة مريحة لا تؤذي العين.
  • سهولة حمل القارئ الإلكتروني مقارنة بالكتاب الورقي الضخم.
  • الأجهزة مخصصة للقراءة فقط، لهذا لن تصاب بالتشتت من تنبيهات البرامج.
  • حمل مجموعة كبيرة من الكتب كي أقرأ منها ما أشاء في الوقت المناسب، فلا أكون مقيداً بكتاب واحد عندما أكون خارج المنزل.
  • التخلص من أعين الفضوليين الذين يحاولون التلصص على ما تقرأه في الكتب الورقية، ومطالعتهم أغلفة الكتب التي تقرأها.




تجربتي… قرار صائب

الآن… عندما أعود بذاكرتي إلى الوراء وأحاول تقييم تجربتي بجهاز كندل، أدرك أن في يوم من الأيام قد مرّت من أمامي فرصة وقد اتخذت قراري حينها واقتنصتها، فتغيّرت حياتي للأفضل والحمد لله. عدت إلى عالمي الذي افتقدته، عالم القراءة والكتاب. وبفضل ذلك تتغيّر مفاهيم الحياة بشكل ديناميكي بعد كل كتاب أقرأه.

أمعن النظر من حولك… هناك بالتأكيد فرصة ما تنتظرك.

فهل لديك الجرأة كي تتخذ قرارك؟

أحمد فؤاد
أيلول سبتمبر 2018
google-playkhamsatmostaqltradent