هل هناك نصيحة
أهمّ من "اقرأ هذا الكتاب بدون تأخير من أجل أن تنقذ حياتك وحياة الآخرين.؟!"
يقول مؤلف الكتاب د. ماثيو وُوكر في الكتاب:
إن هذا الوباء الصامت، وباء قلة النوم، أكبر تحدّ أمام الصحة العامة نواجهه في البلدان المتقدمة في القرن الواحد والعشرين. وإذا أردنا الإفلات من أنشوطة إهمال النوم التي تخنقنا، وتفادي الموت المبكر الذي تسببه لنا وتدهور الصحة الذي تستدعيه، فلا بد لنا من نقلة جذرية في نظرتنا الشخصية والثقافية والمهنية والاجتماعية تجاه النوم.
مُراجعة عن الكتاب... هل هناك داعٍ لذلك حقًا؟!
من الصعب كتابة
مُراجعة عن الكُتب العلمية، فهذه الكُتب في رأيي كُتبت من أجل أن يقرأها المُستفيد
مُباشرة فيستقي منها المعلومات الهامة، ويقارن بنفسه بين نتائج الأبحاث المُختلفة
ومصادرها وكيفية الإعداد لها. من الصعب جدًا تلخيص كل ذلك في مراجعة أو مقالة، لأننا
مهما أسهبنا في كتابتها ستظل مُخلّة وناقصة مُقارنة بالكتاب. ويجب هنا أن نُفرّق
ما بين الكتب العلمية الموجهة للقارئ العادي وبين المراجع العلمية المتخصصة، وحديثنا
هنا عن النوع الأول.
مُخطئ من يظن
أن تلخيص الكتب العلمية المُتاحة للعامّة هو أمر جيّد ونافع بالضرورة، فالكتب
العلمية الموجهة إلى القارئ العادي هي بالأساس مُلخَّصَة، يُراعى فيها تبسيط
المعلومات والبعد عن التعقيدات العلمية سواء في المصطلحات أو شرح التجارب بشكل
تفصيلي. لهذا فأنا أرى أن اختصار التلخيص قد يكون ضرره أكبر من فائدته، ولا أقصد بالطبع
قراءة المراجع العلمية والطبية، فتلك كُتبت للقارئ المتخصص بكل تأكيد.
على سبيل المثال،
هذا الكمّ الضخم من المعلومات المُتشابكة في كتاب "لماذا ننام؟" مُتداخل
إلى حد أن اختصاره وانتقاء بعضه على حساب بعضه الآخر سيُخرجه عن سياقه، بل وقد
يُحرّف معناه، ويضر في النهاية بغاية الكتاب الأساسية وهي إيصال المعرفة الكاملة
-من وجهة نظر الكتاب- للقارئ. إن الحقائق الناقصة في رأيي أسوأ من الأكاذيب، أو كما
تقول الحكمة الإنجليزية الشهيرة: "القليل من المعرفة شيء خطر" "Little knowledge is a dangerous
thing" ذلك لأنها تجعل القارئ يعتقد أنه قد ألمّ بحقيقة أمرٍ ما
لمجرد استخلاصه بعض نتائج ومعلومات متناثرة دون وضعها في سياقها الصحيح ودون معرفة
قواعدها وأساليبها وفوائدها ومضارها وأهميتها ومدى درجة الوثوق فيها. إن ذلك أشبه بمريضٍ
يتناول دواءً فعّالًا ومشهورًا لعلاج لمرض ما دون أن يعرف أعراضه الجانبية أو
موانع استخدامه ومدى مناسبته لحالته!
حسنًا... دعنا
نفترض أنني أستطيع أن ألخص لك الكتاب في جُملة واحدة
" لا تنم
أقل من ثمان ساعات في اليوم مهما كلفك الأمر."
هل استفدت
الآن؟ على افتراض أنك قد أخذت كلامي مأخذ الجد، فإنك أغلب الظن ستنساه في آخر
اليوم، أو أنك لن تُقدّر أهمية النصيحة لعدم استيعابك حجم المشكلة، أو قد تطلق على
الكتاب أحكامًا جُزافية من نوعية "كلام كتب" أو "مُجرد هُراء....
نحن ننام أقل من ست ساعات وها نحن بصحةٍ جيّدة وأجدادنا أيضًا كانوا كذلك." مُتجاهلًا
أن مؤلف الكتاب هو أستاذ للعلوم العصبية والفيزيولوجيا، ومدير "مركز علوم
النوم البشري" في جامعة بيركلي الأمريكية، وأستاذ سابق لعلم النفس في جامعة
هارفارد الأمريكية.
نحن نُطلق
أحكامنا على الأشياء في أحيانٍ كثيرة بكل ثقة رغم جهلنا الشديد، مُستعينين ببعض المُلخصات
غير الرسمية أو ببعض المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو ببعض المواقع
الشهيرة التي تنقل لنا العناوين دون أي محتوى حقيقيّ نافع! أو بناء على تجاربنا
الخاصة التي قد لا تحمل أي دلالة علمية حقيقة. نفعل ذلك دون محاولة التوجه إلى
المصادر الرسمية ومحاولة التعلّم والقراءة والاطلاع على نتائج الأبحاث والتجارب من
مواقع الجهات العلمية المُختلفة التي تجريها، والبحث عن آراء المدارس الطبية
المختلفة عن تلك النتائج. إن محاولة إدراك الأمر بأنفسنا مهم جدًا لمعرفة حقيقة ما
لها أثر بالغ على حياتنا، بل وقد تكون مُدمّرة لحياتنا وحياة ذوينا إن أهلمنا في
معرفتها.
واقعيًا، نحن مدركون
أننا لن نستطيع أن نُنفّذ كل النصائح التي ينصحنا بها الأطباء، لهذا فمن الطبيعي
ألا ننجح في تجنّب جميع المحاذير أو اتّباع كافة النصائح التي جاءت في كتاب
"لماذا ننام؟" لكن هذا ليس معناه أن نكون جاهلين بالأمر بشكل كامل أو شبه
كامل! يجب أن نعي الحقائق ونستوعبها كي يستطيع كل واحد منّا أن يدرك مدى تأثير
أفعاله على صحته أو حياته الجسدية أو العقلية، بل وحياة من يرافقونه في هذه
الحياة.
عن نفسي، لقد استفدت
كثيرًا من كتاب "لماذا ننام؟"، بل وأكثر مما أستطيع أن أكتب عنه. والغريب
أنني وجدت بعض الفائدة من معلومات في الكتاب قد لا تكون مُتعلّقة بشكل مباشر بموضوع
الكتاب الأساسي وهو النوم، لكنها تُؤثّر بشكل غير مباشر فيه. مما بيّن لي أسباب
مشاكل صحيّة أخرى أواجهها -أو يواجهها أصدقاء لي- في حياتي. فمنحتني تلك الفائدة القدرة
على رسم خطط وأفكار تساعدني في محاولاتي للارتقاء بجودة نومي، وبالتبعية الارتقاء بجودة
صحتي وصحة أطفالي البدينة والنفسية.
لمن لا يرغب في قراءة الكتاب كاملًا – يقدم لك المؤلف الحل!
قام المؤلف بفكرة
ممتازة في هذا الكتاب وهي تقديم الفصول بشكل مُستقل، وبالتالي يمكن للقارئ الإطلاع
على قائمة عناوين الفصول في فهرس الكتاب، واختيار الفصل المناسب له. هذا يعني أن
القارئ ليس عليه أن يقرأ الكتاب بترتيبه المطبوع وإنما يستطيع قراءته بترتيب مختلف
بل وبشكل مُقتصر على بعض الموضوعات، وبهذا فإنه بدلًا من قراءة تلخيص منقوص، سيقرأ
تجربة كاملة في موضوع مُحدد عن النوم.
كل ما أستطيع
تقديمه لك هو ذِكر المواضيع التي قد تثير انتباهك وتُحفزّك على قراءة الكتاب أو
أحد فصوله على الأقل.
أقسام الكتاب
الكتاب مُقسّم
إلى أربعة أجزاء
الجزء الأول: "هذا
الشيء الذي نُسمّيه نومًا" ويتحدث عن معنى النوم وكيفية توليده في الدماغ،
وإدراك اختلاف نوم المُراهقين ووقته وطوله عن البالغين، ومسؤولية الكافيين -الذي
يُسيء الكثيرون استخدامه- عن التأثير في جودة النوم، وعن الميلاتونين المتولد في الدماغ
لدفع الإنسان إلى النوم، وأسباب أرق الإنسان عند السفر، وتفسير تعامل المخ مع فروق
التوقيت أثناء السفر، وتغيّرات النوم على مدار عمر الإنسان.
الجزء الثاني: "لماذا
ينبغي أن ننام؟" ويتحدث عن أهمية النوم الشديدة في حالة الإنسان الصحية سواء
البدنية أو العقلية، وتأثير قلّة ساعات النوم واضطراب جودته في حدوث الكثير من
الأمراض الخطيرة مثل السرطان والسكري والنوبات القلبية والجلطات وقِصَر العُمر.
الجزء الثالث: "كيف
نحلم؟ لماذا نحلم؟" ويتحدث فيه عن الأهمية العظيمة للأحلام وكيفية حدوثها في
الدماغ وموعدها وتأثير انقطاع الأحلام عن نوم الإنسان مما يؤدي على المدى البعيد إلى
اعتلال صحته فمرضه ثم هلاكه على في نهاية المطاف، وذلك من خلال تجارب مثيرة جدًا
للاهتمام. بالإضافة إلى الإشارة إلى الأهمية الهائلة للأحلام وتأثيرها وفوائدها في
الحالة الإبداعية للإنسان وفي الذاكرة وفي التنفيس عن الألم سواء في الذكريات البعيدة
أو القريبة التي يمر بها المرء. بالإضافة إلى توضيح مشاكل الأدوية المنومة وأسباب
وعلاج الأرق بطرق آمنة جديدة غير دوائية.
الجزء الرابع: "من
الأقراص المنوّمة إلى التحوّل الاجتماعي." ويتحدث فيه عن المعوقات المعاصرة
التي تؤثر في جودة النوم من حولنا وكيفية إلحاقها الضرر بنومنا، وكيف يمكننا التكيّف
معها واستخدامها وتطويعها كي تساعدنا على النوم، مع نصائح من أجل نوم صحيّ.
تحذير هام!
لكن يجب أن
نأخذ في الحسبان أيضًا أن العلم شيءٌ متطور، وأن ما نعرفه اليوم غيّر مفاهيم
الأمس، وأن ما سنعرفه في الغد سيُبدّل بعض ما توصلنا إليه اليوم، ويُعدّل بعضها
الآخر. فالعلم شيء مُتغيّر متطوّر بشكل مستمر. ولهذا فنحن عندما نقرأ هذا الكتاب
-أو غيره من الكتب الطبيّة والعلمية- ندرك بشكل قطعي بأن المعلومات التي وصل إليها
العلماء والأطباء هي مجرد حلقة تصل ما بين الماضي والمستقبل في رحلة طويلة لفهم الأشياء
التي حولنا أو لفهم أنفسنا. وبالتالي فإن هذه المعلومات قابلة للتغيّر والتعديل في
المستقبل، هذا شيء يعترف به الدكتور ماثيو وُوكر مؤلف الكتاب، مما يدعونا كقُرّاء إلى
تحديث معلوماتنا كل فترة من الزمن، فالعلم دومًا أكثر اتساعًا من أن يشمل رأيًا
واحد أو نظرية ونتيجة واحدة.
إنّ ما سبق
لا يُقلّل إطلاقًا من أهمية الكتاب العظيمة في تسليط الضوء على مدى أهمية النوم في
حياتنا، وفي حرصه على تثقيفنا وتوعيتنا في قضية النوم، إن هذا الكتاب ومثله من
الكُتب ذو أثرٌ حاسم في تطوير عقولنا والارتقاء بإدراكنا للبقاء مُطّلعة على أهم
المتغيرات في المجالات العلمية المُختلفة وسط عالم لا يكفّ عن التغيّر في كل يوم.
اقتباسات
قِلَة النوم تؤدي إلى زيادة تركيز الهرمون الذي يجعلك تشعر بالجوع، وتخفض مستوى الهرمون المسؤول عن إطلاق إشارة الاكتفاء من الطعام، إنها وصفة مضمونة لزيادة الوزن لدى البالغين والأطفال ممن يعانون قلة النوم.
لا يمكنك معرفة أنك تُعاني من الحرمان من النوم عندما تكون محرومًا منه.
اكتشاف مذهل! اكتشف العلماء معالجة فورية جديدة تجعلك تعيش عُمرًا أطول. إنها تقوّي ذاكرتك وتجعلك أكثر إبداعًا. وهي تجعلك تبدو أكثر جاذبية. إنها تحافظ على رشاقتك وتقلل رغبتك في الأكل. إنها تحميك من السرطان والخرف وتبعد عنك الإصابة بالرشح والإنفلونزا. كما تقلل من خطر إصابتك بالسكتات والنوبات القلبية. فضلًا عن داء السكري. بل حتى إنك ستصير أكثر سعادة وأقل اكتئابًا وقلقًا. هل أنت مُهتم بالأمر؟ - صيغة إعلان تخيّلية تتحدث عن مُعجزة النوم.
الترجمة
الترجمة كانت
ممتازة وواضحة وهو شيء متوقع من المُترجم السوري الرائع الحارث النبهان.
روابط شراء الكتاب ورقيًا وإلكترونيًا (نسخة كندل)
كتاب
"لماذا ننام؟" لدار التنوير، ولمن أراد شراءه ورقيًا، ستجد في هذا الرابط لموقع دار التنوير عدة روابط مُباشرة لبعض المكتبات الشهيرة التي تقوم بشحن وتوصيل الكتاب مثل مكتبة جملون وجرير ونيل وفُرات.
ولمن أراد شراء
نسخة إلكترونية إصدار كندل، يُرجى زيارة رابط الكتاب على متجر أمازون.
ملحوظة أخيرة
لمن يهتم بقياس
جودة النوم، يوجد الكثير من الأجهزة الإلكترونية -مثل سوار المعصم أو ساعة ذكية- والتي
تساعدنا في تحديد أوقات النوم المناسبة، مع تزويدنا بتقارير يومية وأسبوعية وشهرية
عن عدد ساعات النوم وجودته من خلال تحديد النسب المئوية المُوصى بها لأقسام ومراحل
النوم (النوم العميق – النوم الخفيف – نوم حركة العين السريعة REM- نوم القيلولة)
وأرفق أدناه صورة من ساعتي الذكيّة توضّح شكل تقرير النوم عن ليلة واحدة
التقيم النهائي
تقييمي للكتاب 5 من 5