في البداية اعتقدت أنني أُصِبْت بقَفلَة الكاتب، تهرب مني الكلمات كلما فكّرت فيها، فأطالع الصفحة البيضاء بعض الوقت، ثم أتوقف عن المحاولة. لكنني في اليوم التالي أعدت المحاولت فوجدت الكلمات تُرَصّ كيفما اتفق،
أراها جامدة أمامي فاقدة بريق كنت ألحظه من قبل. تخور قواي سريعًا ولا أستطيع الاستمرار وكأن مخزوني من الأفكار أو الكلمات قد نضب. أقرأ ما قد خططته فأجد حالة من الصمت المُفزع تسكن حروفي.
أراها جامدة أمامي فاقدة بريق كنت ألحظه من قبل. تخور قواي سريعًا ولا أستطيع الاستمرار وكأن مخزوني من الأفكار أو الكلمات قد نضب. أقرأ ما قد خططته فأجد حالة من الصمت المُفزع تسكن حروفي.
أصابتني حالة من التجمّد، وفقدت الرغبة في
الكتابة فجأة. وبدا لي أنني قد أضعت بوصلتي.
في الأيام التالية قمت بكل الحيّل التي قرأت
عنها؛ نوّعت مواضيع الكتابة، غيّرت الأماكن التي أكتب فيها، استقطعت وقتًا للمشي، تعرّضت
لأشعة الشمس لوقت أطول، عدّلت نظامي الغذائي، نظّمت مواعيد نومي، قمت بتمارين
استرخاء، زدت من وردي اليومي من القرآن، هجرت مواقع التواصل الاجتماعي، توقّفت عن الكتابة
بعض الأيام ثم عدت مرة أخرى لأكتب كل يوم ولو كلمات بسيطة. باختصار قمت بكل شيء دون أي
جدوى.
عندما حاولت أن أقوم بعصف ذهني لاستجداء
إلهام ما، فوجئت بأن عقلي مليء بالفعل بالأفكار والمواضيع المختلفة. وانتبهت حينها
أن ما أمرّ به في الحقيقية ليس قفلة الكاتب، وإنما قفلة الروح!
ظننت أنني قد فقدت الرغبة في الكتابة، نظرًا
لغيّاب همّتي وحماسي، لكن استمراري بالكتابة اليومية البسيطة –أو حتى استطاعتي صياغة
مثل هذه الكلمات على سبيل المثال- كان أكبر دليل لدي أنني مازلت أستطيع أن أكتب.
ففطنت إلى أن الإمكانية ليست دليلًا على الرغبة، وأدركت أن مشكلتي هي فقدان روح
الكتابة.
تمعّنت في حالتي فوجدت أن الأمر يتعدّى الكتابة، وبدأت تتضح معالم حالة وقعت في براثنها.
ألمّت بي حالة اختلاط عجيبة للمشاعر، تعصف بي في
أوقات مختلفة وبدون أي مبرر على الإطلاق. تختلط داخلي مشاعر حزن مع قلق مع ضيق صدر، اضطراب لا أفهم معناه. حالة من النفور من كل شيء من حولي، وانسحاب معنوي تدريجي من الواقع، وفراغ هائل يبتلعني!
يقولون أنها أعراض اكتئاب. ولأنني
لا أفهم سببًا لأي عرض من تلك الأعراض، فقد تجاهلت الأمر في لا مبالاة. قدّرت أن
تختفي الأعراض تدريجيًا مع ضغط العمل ومشاغل الحياة.
لكن عندما بدأ من حولي يسألني "لماذا
تبدو حزينًا؟ هل أنت بخير؟"، وأجيبهم مندهشًا "لست حزينًا... أنا
بخير." فينظروا لي في ريبة ظنًا منهم أنني أخفي عليهم شيئًا ما. حينها أدركت
أن تجاهلي رُبّما لم يكن شيئًا صائبًا، رغم أنني لم أعرف تحديدًا ما الذي يتوجّب عليّ فعله
كي أخرج من هذه الحالة!
هي حالة اكتئاب إذن...
فليكن... ماذا بعد؟
لا أعرف... وقد لا يهمني أن أعرف.
أنا فقط كتبت لعلّ الكتابة تُساعدني في تخطي الأمر.
إلا أنني أشعر في نهاية هذه التدوينة،
بأنني تمامًا مثلما بدأتها!
أحمد فؤاد
22 كانون الثاني يناير 2020