random
أخبار ساخنة

ضد نفسك!

 




    


تفتح عينيك ذات صباح فتجد كُل شيء مُختلف!

    

تمر الدقائق وأنت خارج نطاق الزمن. تنظر إلى كل ما يدور من حولك بلا مُبالاة. كأنك مجرد زائر لهذا العالم. لا يعنيك أن ينهار كل شيء من حولك. يغزوك شعور بالانفصال عن الواقع كأنك في برزخ سريّ. تراك عيون الناس فلا تُبصر سوى صورة عنك كنت تعرفها منذ فترة. تراهم أنت فتكاد لا تعرفهم. تنبثق داخلك عشرات التساؤلات عن جدوى أهمية كل من حولك في حياتك!

 

يبدو الأمر مثيرًا في البداية، لكن بمرور الوقت يتسلل الخوف إلى قلبك. كلما حاولت العودة إلى نفسك التي عهدتها فلا تعرف! يصيبك الهلع فتحاول أن تمارس كل أعمالك التي كُنت تمارسها بانتظام. تذهب إلى كل الأماكن التي دأبت أن تذهب إليها لعلّك تُقابل نفسك فيها. تلجأ إلى الأصدقاء والأحبة لرُبّما تستعيد -في اللقاءات- ما استُلِب منك. تستنشق بُخار القهوة بغية أن تبتهج. تقرأ بكثرة من أجل أن ينقشع ضباب عقلك. تكتب في سبيل أن تسكب أوجاعك على الورق. تسافر هروبًا من واقع آسن آملًا العثور على رحم جديد تخرج منه إلى الحياة!

 

لكنك تكتشف أن كل شيء قد أصابه البرود. كل شيء هامدٌ خامدٌ مُتجمّدٌ. تحاول أن تبث فيه الحياة بلا جدوى.

 

لا تنتبه إلى الخيوط التي تنسجها داخلك حالة اللامُبالاة. تبث فيك خدر يسكنك، تستعذب معها الفتور الذي يعتريك. تفيق من غفلتك مُتأخّرًا لتجد أنك بِت أسيرًا لشبكة مُحكمة من خيوط الوهم، تحول بينك وبين روحك المُغيَّبَة. تدرك حينها أنك كُنت مُتواطئًا منذ البداية. متواطئًا مع نفسك ضد نفسك!

 

يثور داخلك بركان غضب تحسبه عنيفًا. تظن أنه قادرٌ على إحياء توهّج قد انطفأ. فتُباغَت بحمم مثلجة تغزوك، تخبو معها كل محاولات البعث. يتجمد الحماس ويموت الشغف، ويتبقى بصيص نور ينبض به القلب باحثًا عن المعنى الذي كان يملؤك ذات يوم.

 

تبحث في ركام قلبك عن أثر شغف يمكنه أن يضرم في بقاياك الهامدة؛ شرارة الحياة من جديد.

 

تحاول برغبة حقيقية أن تتحرّر من أسرك غير المرئي. لكن محاولتك تكشف لك عجزك المُفاجِئ وعزمك الواهن وإرادتك الخائرة.

 

منذ متى وأنت هكذا؟ احتلال كامل لروحك! روحك التي ليست روحك!

 

يفجعك هذا الاكتشاف الأسيف. يجثم الأسى على صدرك. تغرق في وحل الانهزام. يخدعك القنوط فتؤمن باستحالة الخروج من بَراثِن ذلك الوهم.

 

تشتهي شروق أمل يُخرجك من الظُلماتِ إلى النور. تحلم بسراب عظيم وسط صحراء اليأس. تتمنّى ارتواء القلب دون أن تفطن إلى أن السراب ما هو إلا محض زيف.

 

تُكابِر... تنكر كل ما أنت فيه. تعزوه إلى أي شيء عدا الحقيقة!

 

وتتجاهل بكل حماقة حقيقة أنك سجين وهم أنت صانعه.

 

   
  

أحمد فؤاد
19 كانون الثاني/يناير 2022

 

google-playkhamsatmostaqltradent